06 يوليو 2009

حول حديث هيكل الأخير : حفرة الإتهامات الباطلة ضد انتفاضة الشعب العربي الأحوازي

ترك لقاء الاستاذ محمد حسنين هيكل مع السيد حسين عبدالغني في يوم الاثنين الموافق 29/6/2009 والذي بثته محطة قناة الجزيرة مساء اليوم ذاته انطباعا سيئا لدى المخلصين من العرب ممن يرون المسألة كلها يجب أن تنطلق في التقويم والتحليل من معيار الموقف القومي العربي،وليس حصره بجزئين هما:مصر وفلسطين،لكي ينطلق التحليل على أرضية فكرية وسياسية متماسكة، وليس للترويج الى جهة ايرانية انطلاقا من (صداقات حميمة مع البعض الايراني) وانتقاد لتيارات عريضة مصرية وعربية كونها لا تقرأ التطورات من منظور استراتيجي .
كما ووضع السيد هيكل الآخرين من المتابعين والمفكرين والكتاب بين ثنائيات لغمت بعناية من اجل فرض رأي أحادي على المستعمين،من قبيل المقارنة بين الرؤية السياسية الامريكية،والرؤية السياسية الايرانية والتصور الاسرائيلي مما ينبغي ان يقوموا به من اجل التقارب مع ايران،وإن كان ذلك بشكل غير مباشر،فيما لام العرب على عدم مبادرتهم للتقرب من ايران .. . هذا بتكثيف شديد الرؤية الهيكلية للتطورات الاحداث .

لا شك أن السيد هيكل قد لام البعض أو وجه نقده اليهم لأنهم لا يأخذون المراحل التاريخية والازمات التي شهدتها بنظر الإعتبار،في حين (يتناسى) الوضع الذي تفجر داخل ايران على المستوى القومي غير الفارسي داخلها،ففي العام 2005 تفجرت انتفاضة جماهيرية واسعة في القطر الأحوازي الشمالي على ارضية المطالب التي تتمحور حول طبيعة الأرض القومية العربية والمسعى الفارسي المعلن بالوثائق حول تفريس الارض وتهجير الانسان . . . تفجرت انتفاضة جماهيرية عارمة في شمال القطر الأحوازي وشملت كل مدنه وأغلب قراه العربية،وراح ضحية ذلك الخروج الإحتجاجي السلمي أكثر من 42 شهيدا أحوازيا خلال الأسبوعين الأولين من اندلاع تلك المظاهرات الإحتجاجية وتم إعتقال اكثر من 300 شخص،وفق ما ذكرته الصحيفة الالكترونية (ايران امروز) الايرانية،وكانت السلطات الايرانية قد تعاملت مع تلك الاحتجاجات بالنار والحديد،فكانت نسبة الضحايا تزداد يوما على اثر يوم على الصعيد الشعبي وكان تعامل تلك السلطات وأجهزتها القمعية المسعورة،كان تعاملا أمنيا بحتاً، في حين أن كل أسباب الأزمة المتفاقمة بين شعبنا العربي الأحوازي ، من جهة ، وبين سلطات الاحتلال الفارسي، من جهة أخرى ،هي أزمة سياسية بحتة ،بنيوية ومزمنة.
ثم جاءت الانتفاضة الكردية الواسعة في كردستان ايران العام 2006،والتي اقدمت فيها القوات الفارسية،الجيش وما يسمى بالحرس الثوري والباسيج (قوات التعبئة) في ملاحقة الاكراد داخل ايران والعراق،وما اعقبه من قتل وخطف واعدام والسجن والمطاردة، اما الانتفاضة الثالثة التي اِقترنت بثورة الشعوب غير الفارسية فما هو قد حدث في بلوشستان في العام 2006 و2007 وهذا العام 2009 حيث طالت الاعدامات والمطاردات والقتل العشوائي عشرات الاولوف للمواطنين البلوش،والذي ما تزال ردود افعاله قائمة حتى هذه السنة. ثم إندلاعها ايضا في العام 2006 ـ 2007 في مدينة تبريز عاصمة إقليم آذربايجان، وكانت ردود الفعل الأمنية هي ذاتها الوسائل والاساليب الوحشية المسعورة تجاه الشعب الآذري المطالب بحقوقه المشروعة التي تنتهكها بشكل سافر تلك السلطات الحاقدة في طهران . ولو امعنا النظر في مجمل هذه التطورات لوجدنا ان هناك عاملين اثنين يرتبطان بالسياسة الايرانية الرسمية،التي تقودها سلطة الملالي وهي : العنصرية الفارسية والطائفية الصفوية .

إنها وقائع وارقام ومشاهد بالصوت وصورة،وليست دعاية وايدلوجية،ويستطيع اي متابع يتميز بالرؤية السياسية الصادقة ان يلتقط الاساسيات من هذين البعدين للسياسة الايرانية .

ولا يخفى عن البال أن الحكام الفرس قد دمغوا جميع تلك التوجهات والانتفاضات بالارتباط بالسياسة البريطانية والامريكية هي ذات التهم التي يدمغها اليوم النظام الملالي الرسمي بجناح : خاتمي ـ موسوي ـ كروبي الذي اتفق السيد حسنين هيكل في معرض حديثه في القناة على أن الازمة او الخلاف الناشب هو داخل النظام وليس مع مجموعة معارضة للنظام . وقد ذكرت وكالة فارس، وهي وكالة أنباء ايران الرسمية ،حيث اعلنت يوم الاربعاء الموافق 1/7/2009:"أن التحقيقات الايرانية قد بينت الى "دور بارز"لأحد العاملين في السفارة البريطانية بطهران في الإحتجاجات الايرانية التي اندلعت منذ يوم الاثنين الموافق 15/6/2009 ضد نتائج الإنتخابات وضد احمدي نجاد" .
ولعل المعروف جيدا أن خاتمي صديق الاستاذ محمد حسنين هيكل كان قد روّج لحظة زيارته للقاهرة بعد أحداث الانتفاضة الجماهيرية الأحوازية أن البريطانيين يقفون وراء تلك الإنتفاضة الأحوازية التي اندلعت في العام 2005 (1)،مع ما في ذلك ظلم بين وجور واضح ورؤية فارسية معادية حاقدة،ولكن ما كان غير متوقعا بأن الاستاذ هيكل صدق ما سمعه من خاتمي وروّجه من على قناة الجزيرة ذاتها في تلك الأثناء وكانت السبب الذي جعلت شعبنا العربي الأحوازي بكل طبقاته وشرائحه يغضب من تلك التصريحات غير المسؤولة والباطلة اساساً التي روجها الاستاذ هيكل الذي على ما يبدو أنه (لا يعلم بأنه لا يعلم) شيئا عن الملايين البشرية الأحوازية التي تناضل وتكافح منذ العام 1925 ضد الإحتلال الايراني لسيادتهم والناهبة لخيراتهم والقاتلة لفلذات أكبادهم والمشردة لاسرهم والمغيرة للطابع الديموغرافي لارضهم العربية،في حين يعلم الجميع أن الصوت الغربي البريطاني ـ الامريكي الى آخره لم يسهم في ابراز الانتفاضة العربية المشار اليها سابقا في العام 2005 ولا غيرها من إنتفاضات شعبنا،لا إعلاميا ولا سياسيا .....

واليوم يقع هؤلاء الاصلاحيون في ذات الشبك التظليلي ويرفسون في ذات الشرك الذي اعتاد على تسويقه نظام آل فارس العنصري الطائفي،فالوضع السياسي الذي اعقب الانتخابات الايرانية وفجر ردود الفعل الواسعة في طهران وشيراز واصفهان وربما كان في تبريز ايضا،قد صورته وكالات الانباء العالمية وبثته بحكم تواجدها اساسا في طهران،والتي منعتها السلطة الرسمية الفارسية لاحقا،فيما كانت تلك الاصوات غائبة تماما عن مناطق الشعوب غير الفارسية في القطر الأحوازي وكردستان وبلوشستان واذربايجان،ولم تحظ بأي تغطية اعلامية .

فماذا يقول السادة الذين يظهرون الدعم لايران عن الجسم المؤيد للسلطة،ولكن المعترض على التصويت ممن نالته صفات العمالة للغرب السي اي ايه والبريطانيين ،والتي حاول الاستاذ هيكل التعامل معه بصورة ناعمة ولغة الغفور الرحيم ؟ فيما كان موقفه مع حق عرب الأحواز بمنطق شديد العقاب ؟

علما أن وثيقة منشورة وصادرة عن خاتمي بالذات ووقعها السيد ابطحي سكرتيره الخاص قد نشرت نصا على العلن وبكل اللغات العالمية فلم تأخذ الأجهزة الإعلامية بواشنطن ولندن ومن يدور في فلكهما اي اشارة اليها،مع ما في ذلك من إجحاف مقصود .

هامش :
(1) . لقد اخبرنا أحد المفكرين ممن حضروا اجتماع السيد خاتمي مع السيد محمد حسنين هيكل والذي قال الرئيس الايراني الاسبق في معرض اجابته بشأن التطورات الانتفاضة في الاحواز بأن البريطانيين يقفون وراء تلك الأحداث،علما أن البريطانيين المتواجدين في البصرة هم اصداقاء وحلفاء ايران في العراق ، ويستطيعون منع هذه التدخلات فيما اذا كان هذا التدخل قد جرى فعلا ، ولكن اغلب الحضور بما فيهم السيد حسنين هيكل قد صدق تلك المقولة الخاتمية من دون مناقشة وسؤال . إذ يبدو أن هذه الاشاعة الخاتمية قد لائمت هواهم،واليوم يقع خاتمي في ذات الحفرة التي حفرها للأحوازيين،فماذا يقول السادة العرب ممن صدقوا مخاتلات محمد خاتمي ومنهم الأستاذ محمد حسنين هيكل ؟ .

في حلقة جديدة من مسلسل الألم والمعاناة الأحوازية




وإذا كان الشعب العربي الأحوازي الصامد قد اعتاد على شلالات الدم وحملات الإعتقال ونيران الاستبداد الفارسية منذ قدر له الحياة المريرة في ظل الاحتلال الإيراني الفارسي الصفوي الغاشم منذ نحو 84 عاما ، فإن ما يقاسيه - للأسف الشديد -هذا الشعب العربي الأصيل الأبي الحر الصامد ليس موضع الدهشة أو الاستغراب إذا ما نظرنا إلى نوع العدو وتاريخه المليء بالحقد والعدوان والعنصرية والاستبداد ضد جيرانه العرب على مر الدهور والأعوام ، لكن الغريب والعجيب والمضحك المبكي هو أن تكون يد الخيانة أو الغدر من أخ شقيق أو صديق مقرب من المفترض أن يكون هو الحامي والحارس والمدافع عن حقوق إخوانه في الدم والعرق والدين .
وها و مسلسل الضعف والهوان العربي يتواصل في حق الشعب العربي الأحوازي المكافح ، بدأ من اختطاف لاجئين أحوازيين في لبنان والعراق وتسليمهم للنظام الصفوي الإيراني مرورا بهذه الحلقة الجديدة من هذا المسلسل المأساوي المتكرر فقد قامت السلطات السورية بتسليم اثنين من الأحوازيين وهم الأسيران جاسم نبهان النيسي وحسين جابر النيسي إلى المخابرات الفارسية المحتلة قبل أسبوع و تم نقلهما إلى مركز المخابرات بالأحواز المحتلة.وعلى الصعيد ذاته قالت مصادر مطلعة في الأحواز المحتلة أن عائلتا المعتقلين أكدتا وصلهما معتقلين إلى الأحواز من سوريا بعد اعتقال طال أكثر من شهرين في السجون أمن الدولة السورية ، مشيرة في الوقت نفسه إلى تعرض الأسيرين إلى أبشع أساليب التعذيب الوحشية في معتقلات الملالي الفارسية.من جانبها ناشدت عائلتي الأسيرين المنظمات الدولية والعربية المعنية بحقوق الإنسان التدخل العاجل لإنقاذ أبناءهم لما يتعرضون له من تعذيب مفرط ومصير مجهول حيث تم منعهم من زيارتهم أو الاطمئنان على حالتهم الصحية.الجدير ذكره أن الأسيرين كانا قد حصلا على حق اللجوء والحماية من مفوضية شؤون اللاجئين بدمشق ، إلا أنه للأسف الشديد لم يكن ذلك كافيا لمنع هذه الجريمة أللإنسانية بحق المواطنين الأحوازيين، ضاربة بكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية والصلات المشتركة عرض الحائط.


صورة من وثيقة جاسر نبهان

صورة من وثيقة حسين جابر




إيران بين الصراع على الحكم والازدواجية بين النص والممارسة

بقلم : أبوغسان الأحوازي
بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979م على قاعدة الجمهورية و الأسس الإسلامية ومبادئ الثورة الخمينية المبنية على نظرية ولاية الفقيه وتصدير الثورة التي أشعلت الحرب الإيرانية العراقية على مدى ثمانية أعوام وبشعار لا شرقية لا غربية جمهورية إسلامية وخاصة بعد أن ظهرت معالم الفشل في هذه الجمهورية المستحدثة, برز تيار معارض من داخل مؤسسة النظام مطالبا بإصلاح أو تعديل تلك المبادئ وتفعيل المواد الدستورية المعطلة. إن التيار الإصلاحي الذي ترأسه رئيس الجمهورية السابق محمد خاتمي عام 1997استطاع أن يكسب معظم شرائح المجتمع الإيراني خاصة النخبة السياسية وطلاب الجامعات والشباب.
إن الصراع المحتدم الذي نشاهده على المسرح السياسي الإيراني من احتجاجات ومظاهرات من قبل الإصلاحيين ضد سياسات حكم اليمين الحاكم وما رافقه من اتهامات خطيرة من الإصلاحيين ضد التيار الحاكم، بالديكتاتورية والاستبداد والخيانة والتزوير قد تثار التساؤلات والشكوك حول مطالب الإصلاحيين على النحو التالي:
هل الصراع القائم بين الإصلاحيين واليمين الحاكم هو صراع على الحكم أم لتغيير النظام؟
هل ما نشاهده من مظاهرات هو استمرار لحركة الإصلاحيين وإعادة الهيبة لهذه الحركة بعد ما جاء احمدي نجاد عام 2005 ؟
لو افترضنا إن الإصلاحيين فازوا بالانتخابات برئاسة ميرحسين موسوي ما هو موقفه من ولاية ولي الفقيه دستوريا وعمليا ؟
وهل يتعامل مع ما يصفه الآن بالديكتاتور المؤيد من قبل المؤسسة الديكتاتورية بحد قوله؟
ما هو الضمان بأن لا يصبح المصلح ديكتاتورا؟
على الرغم من أن ميرحسين موسوي صنيعة هذه المؤسسة وترأس رئاسة مجلس الوزراء باسم ولاية الفقيه طيلة تسع سنوات ؟ ألا تكفي تجربة الإصلاحيين في فترة رئاسة محمد خاتمي؟
لقد حكم الإصلاحيون في إيران بفوز محمد خاتمي عام 1997 ـ 2005 رئيس جمهورية منتخبا واستطاعوا أن يفوزوا بالانتخابات البرلمانية(مجلس الشورى الإسلامي بالأغلبية).
انطلق الإصلاحيون منتقدين سياسات الحكومات السابقة و جاؤوا بخطاب الإصلاح والتغيير على الصعيد الخارجي بنظرية حوار الحضارات والانفتاح السياسي والثقافي نحو العالم وعدم التشنج والتوتر مع دول الجوار و إقامة علاقات جيدة معهم ومع دول العالم على أسس ديمقراطية و حضارية و دبلوماسية.
أما على الصعيد الداخلي شعارهم كان الإصلاح السياسي و الاقتصادي والاجتماعي ومنه حرية التعبير عن الرأي في وسائل الإعلام والسماح بتأسيس الأحزاب وفق المادة 26 من الدستور و تفعيل الفقرة أو المادة 110 من قانون الأحزاب وكذلك إقامة مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات غير حكومية وأهم ما في الأمر تفعيل المواد الدستورية المعطلة المتعلقة بالحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للشعوب غير الفارسية مثل الآذريون و الكرد والتركمان و البلوش و العرب أي الأحوازيين وفق المواد 15و 19 و26 من الدستور.
وعلى الرغم من حيازة الإصلاحيين على السلطتين التنفيذية والتشريعية إلا أنهم واجهوا مشكلتين أساسيتين حالتا دون استكمال مسيرتهم الإصلاحية:
أولا:
بحكم التركيبة السياسية المعقدة لهذا النظام وما يحمله من إشكاليات في معنى الجمهورية والفصل الشكلي بين السلطات والتعاون والاستقلالية الظاهرية لهذه المؤسسات ما نشاهده هو احتكار السلطات الثلاث بيد حاكم يحكم على قاعدة ميتافيزيقية خارجة عن ! قدرة الإنسان وفق الدستور.
تنص المادة 5 من الدستور الإيراني على ما يلي" في زمان غيبة الإمام الغائب ـ الإمام الثاني عشر المعصوم و الغائب الحاضر الآن عند الشيعة الاثنى عشرية _ ولاية وإمامة الأمة في إيران على عاتق فقيه عادل متق، الواعي بأمور العصر، الشجاع و المدير و المدبر ويتولى هذه المهمة وفقا للمادة 107 من الدستور.
المادة 107 من الدستور"انتخاب القائد أو المرشد الأعلى عن طريق مجلس الخبراء والذي يحمل المواصفات في المادة الخامسة من الدستور.(أعضاء مجلس الخبراء تتم تزكيتهم من قبل المرشد الأعلى الذي سوف ينتخبونه).
المادة 57 من الدستور(السلطات الثلاث الحاكمة في إيران تعمل تحت أوامر ولاية ولي الفقيه).
المادة 91 من الدستور (تعيين أعضاء مجلس صيانة الدستور6 فقهاء يعينهم المرشد الأعلى للثورة و 6 حقوقيون يعرفهم رئيس السلطة القضائية المعين من قبل المرشد الأعلى إلى البرلمان لكسب الثقة
المادة 110 من الدستور (صلاحيات المرشد الأعلى و الولي الفقيه:
1ـ يعين السياسات العامة لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية
2ـ الإشراف على حسن إجراء السياسات العامة للنظام
3ـ إعلان الاستفتاء العام
4ـ القائد العام للقوات المسلحة
5ـ إعلان الحرب والصلح وتعبئة القوات
6ـ إبقاء أو عزل أو قبول الاستقالة لكل من:
أولا : فقهاء مجلس صيانة الدستور.
ثانيا: رئيس السلطة القضائية.
ثالثا: رئيس الإذاعة والتلفزيون للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
رابعا: القائد العام للحرس الثوري.
خامسا: أعلى القيادات في النظام.
7ـ البت في حل الخلافات و التنظيم بين السلطات.
8ـ حل القضايا والمشاكل العالقة التي لا تحل بالطرق العادية في النظام عن طريق مجمع تشخيص مصلحة النظام.
9ـ التوقيع على حكم رئاسة رئيس الجمهورية بعد فوزه في الانتخابات و تزكية المرشحين لرئاسة الجمهورية.
استنادا لهذه المواد الدستورية يتبين لنا أن هناك خللا جوهريا في الدستور و نقصا واضحا في صلاحيات رئيس الجمهورية و هذا الأمر كان عائقا أمام الإصلاحيين.
ثانيا:
في مسألة حقوق القوميات غير الفارسية إذ شاهدنا دورهم الأساس في دعم الحركة الإصلاحية في إيران من خلال دعمهم و تأييدهم والتصويت لصالح محمد خاتمي والمرشحين البرلمانيين الإصلاحيين في تلك الفترة, آملين بفتح أفاق جديدة للحصول على ابسط حقوقهم السياسية والمدنية والثقافية والاقتصادية وفقا للدستور. تجدر الإشارة إن دعم الشعوب غير الفارسية و خاصة الأحوازيين كان طمعا بالوعود التي أعطيت لهم التي من شأنها أن تضع الشعوب في بداية السكة الصحيحة وصولا إلى أهدافهم الخاصة وهي تقرير مصائرهم بأنفسهم وليس تأييدا للإصلاحيين أو للمحافظين أو لغيرهم. وعلى الرغم من أن إيران منذ عام 1975م قد وقعت على البرتوكول الإضافي العالمي لعام 1966 في شأن الحقوق السياسية والمدنية قد لاحظنا تناقضات واضحة في مواقف زعماء الإصلاحيين في إعطاء تلك الحقوق قبل أن يصطدموا بالخطوط الأمامية لمعارضيهم.
حكومة محمد خاتمي بوقتها لم تتخذ الإجراءات اللازمة على تفعيل المواد 15 و 19 و 26 من الدستور بل سارعت باتخاذ سياسات ذكية لتهميش الشعوب غير الفارسية وبالتحديد الشعب العربي الأحوازي بإقامة مشاريع زراعية وطنية ـ مشروع قصب السكرـ على الأراضي الأحوازية في حين أسست مشاريع مماثلة في مدن ومحافظات أخرى تحت عنوان مشاريع محافظاتية والأولوية في العمل لأبناء المحافظة في حين المشاريع الوطنية لكل أبناء الشعب الإيراني و على حساب السكان الأصليين العرب.
و على اثر تلك المؤامرة كشفت خطة الإصلاحيين عبر تسريب رسالة من مكتب رئيس الجمهورية موجهه إلى وزارة الأمن إطلاعات و وزارتي الإسكان والداخلية بإقصاء العرب وسلب أراضيهم بأي وسيلة وتهجيرهم إلى مناطق أخرى وتبديلهم بالفرس لتغيير ديموغرافية المنطقة العربية و عدم تشغيلهم في الدوائر الحكومية.
خرجت الجماهير العربية منددة بالسياسات العنصرية فواجهت السلطات الجماهير بالرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع وسقط المئات من الشهداء والجرحى و تم اعتقال الآلاف و ذلك أكثر مما يجري الآن في شوارع طهران بعشرات المرات.
ولا ننسى موقف المرشح الإصلاحي البارز مهدي كروبي صديق وزميل خاتمي و ميرحسين موسوي عام 2000 عندما كان رئيسا للبرلمان حينما تقدم مندوب مدينة الأحواز العاصمة في البرلمان جاسم التميمي وهو إصلاحي بإلقاء كلمته باللغة العربية في البرلمان بمناسبة الانتفاضة الثانية للشعب الفلسطيني ومحاصرة الرئيس الراحل أبي عمار ياسر عرفات في رام الله قد احتج البرلمانيون الإصلاحيون وعلى رأسهم مهدي كروبي وقاطعوا كلمته مطالبين بعدم التكلم باللغة العربية واعتبروا ذلك عملا ممنوعا ومخالفا للدستور. في حين كانت الرسالة دعما ومناصرة للمحاصرين في رام الله والقضية الفلسطينية .
إن الإصلاحيين في إيران أصبحوا يعيشون في حالة من الازدواجية و التناقضات و مردّ ذلك يرجع إلى عقلية المجتمع الإيراني ـ الفارسي ـ و موروثهم الحضاري و الإيديولوجي والسياسي عبر التاريخ الذي أوصلهم إلى هذه الحالة.
بالمناسبة إن الأشقاء العرب في الدول العربية من النخبة والشعوب قلما يدركون هذه الحقيقة التاريخية وليس لديهم معرفة وافية عن عقلية المجتمع الإيراني الفارسي وما يدور في مخيلته أكثر منا نحن الأحوازيين أو ربما البعض أدركها بعد احتلال العراق أي بعد فوات الأوان.
لقد قيل (من حفر بئرا لأخيه وقع فيها) منذ الفتح الإسلامي لبلاد فارس كان الفرس يحاولون بكافة الوسائل والطرق الطعن بالعروبة والإسلام إلى أن وصل بهم الأمر باتخاذ طريقة غريبة بتأسيس تيار إصلاحي معارض فريد من نوعه يطالب بإعادة الانتخابات و الطعن فيها منذ العهد الراشدي للخلافة و يعلنون الحداد على شهداء مسيرتهم في كل عام وكان ذلك ليس من اجل سواد عيون أحد إنما للوصول إلى غاياتهم و إمبراطوريتهم وأمجادهم الوثنية كما هو الحال أيضا وكأنما التاريخ يعيد نفسه فأسسوا الحكومة الصفوية المعارضة قبل 700 سنة يطالبون بالحقيقة.
حتى أن جرفتهم تلك الحقيقة المزعومة إلى ابتداع نظرية ولاية الفقيه في عهد القاجاريين إلى أن تأسست ولبست ثوبها الشرعي في ثورة إيران الخمينية) اسمه الحقيقي بهروز بسنديدة(.
وعندما أراد الإصلاحيون الآن الخلاص منها كي يخلعوا هذا الثوب عن أنفسهم وان يخرجوا من النفق المظلم وجدوا أنفسهم في البئر التي حفرها إسلافهم.
خلاصة القول
إن الذي يميز الغرب عن الدول الأخرى هو إن النخبة السياسية في الغرب قد توصلت إلى إجماع بالتقيد بقواعد اللعبة السياسية التي استقرت في مجتمعاتها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وقد توصلوا إلى صيغة متقدمة للحفاظ على الحقوق المدنية وحماية الحريات الأساسية أكثر من دول العالم الثالث في حين أن في إيران الأصوليين ساهموا في العملية الديمقراطية للوصول إلى الحكم وعند وصولهم إلى سدة الحكم فرضوا نظاما استبداديا من الطراز الأول مبني على نظرية ولاية الفقيه المطلقة معتبرين أنفسهم ظل الله على الأرض وأوصياء على الشعب وفق نظريتهم الطائفية وبتفاصيل فقهم وسياستهم الدينية. والدستور الذي يعتبر أبوالقوانين ورمزا للحرية وحكم القانون أصبح اليوم محور صراع بين الحاكم بأمر الله و الشعوب من جهة وهذا أدى إلى ضياع العدل وتكريس الحكم المطلق بيد ولاية الفقيه التي تستمد قوتها من المعصوم بعد الغيبة واتخذوا من الدين والمذهب ستارا لإخفاء مصالحهم.
واستنادا لهذه الحقيقة فان الصراع الدائر الآن لن يحسم بشكل نهائي وإنما هو حلقة من حلقات الصراع في ميدان السياسة والفكر والتفسير.إن ما يجري هو مؤشر على الانهيار والانحطاط وبداية النهاية في الأزمة التي تعصف بإيران. والأزمة هي صراع على الحكم ونظام الحكم وليس الانتخابات أو فرز الأصوات والإشكالية تكمن في ازدواجية المعايير بين النص والممارسة في المنظومة السياسية الإيرانية فلا أجد مخرجا سوى التغيير أو التنازل من هذه العقلية التي تحكم وتعصف بالعباد والبلاد ولا تحترم إرادة الشعب.
وفي النهاية على النظام الحاكم في إيران أن يعي أن الشعوب وصلت إلى مرحلة من الوعي القومي والوطني تأهلها أن تقرر مصيرها وإن رياح التغيير آتية بما لا تشتهي سفن الطائفيين في إيران.