17 أكتوبر 2011

تحالف ديمقراطى .. أم دور قيادى وحصد غنائم



منذ الوهلة الأولى توقع خبراء سياسيين ، أن يكون مصير التحالف الديمقراطي أدراج الرياح ، وهو ما حدث بالفعل قبل البدء بدعوة الناخبين للترشح لانتخابات مجلسى الشعب والشورى ، كان رهان الخبراء أن التحالف لم يستمر طيلة أربعة أشهر ، ومع اقتراب دعوة الناخبين سيحدث الفراق والشتات ويذهب كل حزب بأوراقه منفرداً ، وهو ما وقع بالفعل ، فمنذ ما يقرب من أسبوع دب التفكك في أعمدة التحالف وظهر على السطح خلافات ربما لجأ البعض لإخفائها ، وتعمد البعض إظهارها من أجل كسب نوع من أظهار الأيدلوجية المختلفة على حساب الرابطة وللاتحاد قوة.
منذ البداية تولد صراع على قيادة التحالف بين الوفد والإخوان  وذهب كل فريق إلى التباهى بأنه صاحب الفكرة ، ولم يدم ذلك الصراع طويلا وأخذ كل طرف في إقصاء الآخر والظهور في صورة القائد الفعلي وصاحب الفكرة  ، فكالعادة في كل مواقفنا نتظاهر في البداية بأننا على قلب رجل وأحد ، ووقت تقسيم الغنائم تتفرق بنا الطرق ، فمنذ قديم الأذل ومصر تعانى من تلك الأزمات ، والتاريخ يشهد على حوادث جمة منذ عصر التاريخ فكم من قائد قتل من أجل الطمع في السلطة ، بيبرس قتل قطز عقب هزيمتهم للتتار فلم يمهله فرصة حتى العودة قضى عليه في طريق العودة ، وأعقبهم الكثيرون حتى نكون نصفين ولا يذهب البعض إلى أن ذلك في طباع الغرباء  بما أنهم كانوا من المماليك .

فلقد تم الغدر بعدد من القيادات والرموز لم يغفلها التاريخ ولم يكن أقربها بالبعيد ، قد يبادر إلى أذهان البعض بأنني أخذت منعطفا بعيدا عن الخوض والحديث فى مصر ما بعد ثورة 25 يناير ، تلك الثورة التى انطلقت دون ترتيب وقائد يخطط لها وربما كان هذا هو سبب ما نحن فيه الآن من شتات وفرقه ، فالثورة شارك فيها كل أبناء الشعب على اختلاف توجهاتهم الأيدلوجية والفكرية ، وحماها الجيش وهو رد لجميل الشعب الذى أيد ثورته ضد الملك فاروق فى ثورة 1952 ، فالآن الجيش والشعب متساويان بنقطة لكلاً منهما .
نعود إلى التحالف الديمقراطى من أجل مصر ذلك التحالف الذى صفق له كثيرون من قادة الأحزاب الهشة التى تبحث لها عن دور وظل ظليل تحتمى تحت بوتقته وتجد من يحمل عنها كاهل الدعاية خاصة بعد إلغاء الدعم المادى والذى كانت لجنة شئون الأحزاب ترصده من آجل أحداث نوع من التوازن السياسى ، ولكى يكونوا ورقة لعب ضد أى قوى تريد الانفراد بالساحة والكلام ما زال عن الأحزاب الصغيرة أو كما عرفت فى الإعلام بالكرتونية .
أصبحت تلك الأحزاب تبحث لها عن مخرج آمن من ورطتها فاغلبها كان قائماً على الدعم السابق من النظام البائد والآن تساقطت أوراقها ولم تجد من يروى ظمؤها ، وبين ذلك التفكك والاضطراب الذى دب بين الأحزاب الكبيرة والصغيرة ، طفت على الساحة قوى سياسية لها ثقلها ربما ستفوز خلال فترة ما بنصيب الأسد نحو تماسك وجماهيرية واسعة فى الشارع وربما لم تؤثر إطلاقا وهذا يتوقف على مدى استقطابها وقوة تأثيرها ، أمام كل هذا نجد من يشكك فى الأمر برمته ويتهم الجميع بالفشل فى إدارة الجزء المنصرم من الفترة الانتقالية الحالية ، فقد قال البرادعى أمس بأن جميع الأحزاب والقوى السياسية المختلفة فشلت فى إدارة الأزمة الحالية خاصة عقب أحداث ماسبيرو الدامية ولم يستثنى من ذلك المجلس العسكرى وحكومة تصريف الأعمال ، وهو نفس رأى عمرو موسى وعبدالمنعم أبو الفتوح مرشحو رئاسة الجمهورية .
وأمام كل هذا التوتر والتشكيك والاتهامات المتبادلة سوأ بين الاحزاب وبعضها البعض أو الحكومة والمجلس العسكرى يقف الشعب وأصحاب الرأى فى منطقة ملتهبة من الأحداث المتلاحقة ويتولد لدى فئاته أحساس بالخوف المضطرب من المستقبل ، فلقد أثرت الأحداث الأخيرة بشدة على نسيج الشعب وظهرت نبرات للحديث لم تكن متواجدة من قبل ، فالأيام القادمة ربما تحسم الصراع وربما تاججه ويصل بنا الحال إلى ما لا يحمد عقباه

16 أكتوبر 2011

ماذا أخذت إسرائيل فى المقابل ؟

بقلم - الاستاذ محمد سيف الدولة


نقلت لنا وسائل الاعلام الاسبوع الماضى ثلاثة أنباء سارة تخص مصر :

الاول كان هو نجاح صفقة تبادل الاسرى الفلسطينيين مقابل جلعاد شاليط تحت رعاية مصرية كاملة

والثانى هو تقديم اسرائيل اعتذار رسمى لمصر عن حادثة قتل الجنود المصريين على الحدود بعد امتناعها عن ذلك لاكثر من شهرين

والثالث هو سماح اسرائيل بزيادة قواتنا فى سيناء بمقدار كتيبة اى حوالى 1000 جندى اضافى عن تلك الاعداد المسموح لنا بها بموجب معاهدة السلام بهدف احكام السيطرة الامنية على سيناء بما سيعود بالفائدة على امن اسرائيل .

ورغم ان كلها انباء سارة لما تعكسه من تحسن فى دور مصر الاقليمى قياسا على دورها فى ظل مبارك ، الا انها لم ترتق بعد الى مرتبة الادوار الاقليمية الكبرى التى تليق بحجم مصر الطبيعى خاصة وان هناك بعض الملاحظات على الاحداث الثلاثة المذكورة :

فعلى الرغم مما ستضفيه صفقة الاسرى من سعادة بالغة على حياة 1000 اسرة فلسطينية ، الا انه لا زال فى السجون الاسرائيلية 6000 اسير فلسطينى

كما ان اسرائيل قادرة فى اى وقت على اسر واعتقال ومطاردة اى عدد تريده من الفلسطينيين

وللعلم فان فى شهر اغسطس الماضى وحده قامت باعتقال 250 فلسطينى

هذا بالاضافة الى ما سربته بعض الصحف العبرية برفض القيادة الاسرائيلية بالتعهد بعدم التعرض للاسرى المفرج عنهم بالاغتيال والتصفية او بالاعتقال مرة اخرى

وللتذكرة فان عدد المواطنين العرب الذين اعتقلتهم اسرائيل منذ 1948 حتى الان بلغ 800 الف اسير مقابل ما يقرب من 1000 اسير اسرائيلى من كافة الانظمة العربية عن نفس المدة !

واخيرا علينا ان نتذكر ان كل فلسطين لا تزال اسيرة الاحتلال الصهيونى ،

وبالتالى علينا الا نبالغ فى الاحتفال ، وعلينا بعد ان نفرح قليلا ان نعود على الفور لمواصلة النضال ضد هذا الكيان اللعين .

اما فيما يتعلق بالاعتذار الاسرائيلى لمصر عن حادثة الحدود ، فهو اعتذار تحيطه الريبة والشك

فلقد نقلت لنا بعض وسائل الاعلام الغربية والعبرية انه تم تحت الضغط الامريكى فى اطار جهود متعددة وكثيفة اخرى لتحضير الساحة الاقليمية الى عدوان محتمل على ايران

وايضا قالوا ان الاعتذار جاء لتخفيف حدة الاحتقان الشعبى فى مصر ضد اسرائيل بعد حادث الحدود لما يمكن ان ينعكس سلبيا على نتائج الانتخابات البرلمانية لغير صالح امريكا واسرائيل وكامب ديفيد .

كما ان الاعتذار جاء ليغلق هذا الملف بالضبة والمفتاح ، مع وجود ضمانات مصرية بالامتناع عن المطالبة باى تعويضات او القيام باى مطاردات جنائية دولية ضد القادة الاسرائليين على غرار تلك التى اتخذت ضدهم فى بريطانيا بعد العدوان على غزة عام 2008

وذلك على النقيض من السلوك الصهيونى المنهجى بحتمية القصاص والاخذ بالثأر لاى قتيل اسرائيلى ، وليس ادل على ذلك ما حدث لسليمان خاطر فى محبسه فى السجون المصرية .

و اخيرا هو اعتذار قد يقبله الدبلوماسيون او الحكام ، ولكنه على وجه اليقين لن يشفى غليل غالبية المصريين .

اما فيما يتعلق بسماح اسرائيل بزيادة قواتنا بمقدار 1000 جندى مصرى فقط ، فهو لم يحل المعضلة الكبرى والرئيسية فى المعاهدة وهى تجريد ثلثى سيناء المجاورة لاسرائيل من القوات بما يجعلها عرضة على الدوام لخطر عدوان صهيونى جديد مماثل لما حدث فى عام 1956 و1967 .

***

ولكن على حال قد تكون رغم كل ذلك مكاسب جيدة على طريقة المثل القائل ان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة . نعم قد تكون كذلك بالفعل

الا اذا ...

الا اذا وهذا هو مربط الفرس ان تكون الادارة المصرية قد قدمت التزامات وضمانات خاصة لاسرائيل مقابل خدماتها المذكورة ، التزامات لا نعلم عنها شيئا و لم يعلن عنها احد ولم ترد لنا فى ثنايا هذه الأخبار السارة المعلنة .

ومصدر هذا القلق هو انه ليس من المنطقى ان تقوم اسرائيل التى نعلمها جيدا بتقديم ثلاث تنازلات دفعة واحدة للمجلس العسكرى قبل شهرين من الانتخابات البرلمانية التى قد تأتى بما لا تشته اسرائيل وامريكا .

وبقول آخر لماذا تتنازل اسرائيل للادارة المصرية الحالية التى ستنتهى ولايتها جزئيا او كليا خلال بضعة شهور ؟

الم يكن من الاحوط ان تنتظر لترى ما ستسفر عنه الانتخابات والى من سيؤول حكم مصر قبل ان تقدم ما قدمته ؟

وهو ما يطرح سؤالا مشروعا ومنطقيا هو ماذا اخذت اسرائيل فى المقابل؟

هل اخذت وعودا بسياسات والتزامات استراتيجية طويلة المدى ، بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات؟

وهو ما يعنى ، ان صدق لا قدر الله ، ان حكام مصر القادمين والمنتخبين برلمانيا ورئاسيا سيتسلمون السلطة منقوصة و مخصوما منها ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية وربما ملفات اخرى لا نعلمها ، هم يعلمونها .

سنرى ....