20 نوفمبر 2009

يوم بكت فيه الجماهير المصرية وضاعت كرامتها على الأراضى السودانية

بعشرة دولارات أمريكانى باع السودانى شقيقه المصرى
الأمن السودانى تغازل فى تامين المصريين .. وساعد على حدوث الفوضى والاعتداءات الجزائرية




كاتب وشاهد على الاحداث فى السودان عبدالرحيم اغا
تلقيت مكالمة تليفونية من نقابة الصحفيين علمت من خلالها أننى مرشح من النقابة لمؤازرة المنتخب المصرى فى السودان ، سعدت كثيراً ولم أتمالك من الفرحة كان موعدنا فى مطار القاهرة الرابعة صباحا يوم المباراة استقلينا الطائرة فى تمام السادسة وصلنا مطار الخرطوم فى الساعة الثامنة والنصف صباحا ، تهاتف علينا السودانيين هناك ورحبوا بنا وهتفوا كثيرا للمصريين وطلبوا مننا الأعلام المصرية للتشجيع المنتخب المصرى فى الإستاد أعطيناهم الأعلام ووقفنا نردد الشعارات والهتافات على أرض المطار ، فجئنا أثناء تواجدنا بثلاثة من المشجعين الجزائريين وجهوا لنا التهديد والوعيد بالانتقام وشرعوا فى التلميحات الغير أخلاقية والإيماءات الساقطة لم نهتز وواصلنا رفع العلم المصرى والهتافات العالية ، ثم استقلنا الأتوبيس والذى توجه بنا إلى مقر السفارة المصرية هناك .

شاهدنا الأعلام المصرية مرفوعة فى كثير من الشوارع بالإضافة إلى التلويح بإشارة النصر من الشعب السودانى حتى وصولنا ، شاهدنا أعدادا من المصريين المقيمين بالسودان أمام السفارة وتكرر الأمر أمام السفارة طلبوا الأعلام المصرية بإلحاح شديد وتسألوا عن المزيد ، قال لنا الاخوة المصريين هناك انهم لم يشاهدوا العلم المصرى سوى اليوم وأن الجزائريين تواجدوا فى السودان منذ ثلاثة أيام ونزلوا فى أفخم الفنادق وقاموا خلالها بتوزيع العلم الجزائرى فى جميع الشوارع السودانية بالإضافة إلى إقبالهم الشديد على شراء الأسلحة البيضاء والسياط السودانى وتعرضوا للمصريين هناك بالاعتداء والسب والتى كان على آثرها تعرض سودانى للقتل وإصابة مصرى بطعنات خطيرة نقل على آثارها إلى المستشفى .

دخلنا مقر السفارة ولم نشاهد سوى عدد قليل من الأمن بالخارج لا يتعدى عشرة فقط ، لم يستقبلنا سوى الأمن هناك سألنا عن السفير قيل لنا انه غير متواجد وبعد مرور ثلاثة ساعات ، وصل وفد من الممثلين المصريين والذى كان يضم أشرف زكى واحمد بدير واحمد ماهر وماجد المصرى وبسام رجب ووائل نور وعلى عبدالرحيم وغيرهم من الممثلاث المصريات بالإضافة إلى عدد من المخرجين والمنتجين ، ووصل بعد ذلك وفد أخر من الإعلاميين ظللنا فى السفارة إلى ما يقرب من ثمانية ساعات خرج خلالها عدد من الزملاء الصحفيين والمصورين والممثلين للتجول فى الشوارع ، وعند عودتهم قالوا لنا أننا شاهدنا أعلام جزائرية بغزارة فى الشوارع بالإضافة إلى المشجعين المتعصبين والذين تعرضوا لنا بالسب ، أصيب أحد الزملاء بجرح فى رأسه آثر تلقيه ضربة من أحد المشجعين بعصاه .

علمت من الزملاء الصحفيين السودانيين أن الأعلام المصرية كانت تباع للجزائرى بعشرة دولارات وعلم جزائرى وحضور المباراة ، وان وصلوا قبل المباراة بثلاثة أيام وشرعوا فى الاستعداد الجيد لما أسموه بالمعركة الفاصلة ، كما تم شراء ضمير السودانيين والذين قاموا بمساعدتهم وتذليل كل العقبات أمامهم ، وان حادث القتل الذى تعرض له سودانى وطعن مصرى بسلاح ابيض ، قام المسئولين السودانيين بالتعتيم على الخبر ، وهنا علمت بمصير العلم الذى أعطيته لأحد السودانيين فى أرض المطار أحسست وقتها بخيبة التصرف وأصبت بإحباط شديد ، وقلت فى قراره نفسى هل لتلك الدرجة يباع المصرى بعشرة دولارات .

خرجنا من السفارة فى تمام الخامسة واستقلينا الأتوبيس ليذهب بنا إلى إستاد المريخ بأم درمان شاهدنا الكثير من المشجعين الجزائريين فى الشوارع والأعلام التى كانت تلوح أمامنا من الجانب السودانى ، كما شاهدنا الكثير من السودانيين يرفعون الأعلام المصرية ويلوحون لنا بإشارة النصر ، لمسنا من خلالها مؤازرة السودانيين لنا ، وكنت سعيدا جدا بهذا المنظر وأحسست بأننا سوف نفوز فى مباراة قوية رغم ما قيل لنا عن الجزائريين واستعدادهم للانتقام ، وخلال الطريق ظللت رافع العلم المصرى ملوحا به للسودانيين والذين ظلوا يبادلوننا الهتافات والتشجيع .

وصلنا إلى الإستاد قبل المباراة بساعتين ونصف ، وهنا كانت المفاجأة حيث شاهدنا أعدادا كبيرة من السودانيين يدخلون معنا من نفس بوابة الدخول وسط زحام شديد لدرجة أننا تشتتنا جميعا ، وعندما دخلت بعد صراع مرير وتزاحمت من اجل الحصول على مقعد ، فجئت بتواجد جماهير كبيرة من السودانيين يرفعون الأعلام الجزائرية وسط المشجعين الجزائريين بعد أن احتلوا نصف الإستاد ، ظلت المدرجات الجزائرية ترفع العلم وتهتف هتافات حارة الغريب أننا شاهدنا السودانيين يشجعون بحرارة شديدة وبتنظيم متقن ومنسق وكأنهم متدربون على ذلك من قبل ، الصيحات التى كانت تخرج من المدرجات الجزائرية كانت صاخبة جداً لدرجة اهتزاز ارض الإستاد بقوة .

من جانب المشجعين المصريين كانوا يهتفون على فترات ولكنها كانت قوية لدرجة أنها كانت تزيد من إشعال الهتافات من الجانب الآخر ، تبادل المشجعين من الجانبين التشجيع والهتافات الشديدة ، أوقد الجزائريين النيران فى الإستاد لدرجة كاد الدخان يغطى سماء الإستاد وسط هتافات عصبية جنونية ، الجمهور المصرى كانت هتافاته رغم إنها كانت على فترات إلا أنها أشعلت الإستاد ، ردد المصريين شعارات " يا رب " " كأس العالم " " مصراوى مصراوى " " دقوا الجزائر فى السودان دقوا الجزائر " " الليلة المونديال يا رابح يا سعدان " شاهدنا الحضرى أول من خرج إلى الإستاد للتدريب قبل المباراة بنصف ساعة وطلب من الجماهير مواصلة الهتاف والتشجيع ثم خرج باقى المنتخب ظلت الجماهير المصرية تواصل هتافاتها حتى انتهت فترة التدريب .

شهدت المباراة احتكاكات قوية وعنف من الجانب الجزائرى طوال 90 دقيقة وتعرض بعض لاعبى منتخبنا للاعتداء ، ولكن شئ غريب لوحظ أثناء المباراة هو عدم تركيز المنتخب فى اللعب وسط تمريرات بدون عنوان وحركة شلل تام سيطر على لاعبينا ، لم يعطى المنتخب الجزائرى فرصة واحدة لمهاجمينا حتى قابلوهم بالالتحامات القوية وتوجيه التهديد والوعيد ، ظلت المباراة على هذه الوتيره رغم أن المنتخب المصرى بذل كل جهده من أجل التعادل بعد أن منى مرمانا بهدف فى الشوط الأول حتى أطلق الحكم سافرة انتهاء الشوط الأول .

شهد الشوط الثانى نشاط كبيرا من جانب لاعبينا رغم الاحتكاكات القوية والقذف بالزجاجات والنيران من الجمهور الجزائرى والذى ظل لفترة طويلة دون تدخل من مراقبى المباراة ، على الجانب الآخر التزمت الجماهير المصرية بالتشجيع المتحضر لمنتخبها حتى النهاية .

ومع انطلاق سافرة الحكم معلنة فوز المنتخب الجزائرى على المنتخب المصرى بنتيجة 1/ صفر ومعها اشتعلت المدرجات الجزائرية بالهتافات الجنونية وأوقدوا النيران ، وقعت حالات إغماء كثيرة من المشجعين الجزائريين ، خرج الجمهور المصرى فى حالة حزن وبكاء شديد ، وتوجهت الجماهير أى الأتوبيسات ولم تتوقع أى اعتداءات خاصة أن المباراة انتهت بفوز الجزائريين وبذلك حصلوا على ما أرادوا بكل الوسائل .

عند خروجنا ظللنا نبحث عن الأتوبيس وسط أعداد كبيرة حتى عثرنا عليه بعيدا عن ارض الإستاد بحوالى مسافة نصف كيلو ، صعدنا الأتوبيس والذى توجه بنا إلى المطار لم نشاهد خلال الطريق أى من المشجعين الجزائريين حتى وصولنا المطار ، وهناك شاهدنا تحطيم زجاج اكثر من 6 أتوبيسات كانت تحمل الجماهير المصرية ، وعلمنا من روادها أنهم تعرضوا للاعتداء من جانب الجماهير الجزائرية والتى خرجت عليهم من الشوارع الجانبية وظلوا يقذفون بالحجارة والأسلحة بيضاء من نوافذ الشبابيك ، تعرض الكثير منهم للإصابة فى الرأس وفى مناطق مختلفة من الجسم .

قال أحد المصابين انه تم إلقاء الأسلحة البيضاء والحجارة من نوافذ الأتوبيس وسط حالة جنونية من الجانب الجزائرى ورغبة فى حدوث إصابات خطيرة لنا ، وأضاف أننا لم نلاحظ أى من الأمن السودانى قام بالدفاع عنا رغم تواجدهم حتى وصول إلى المطار .

الغريب فى الأمر أن قائد الأتوبيس الخاص بنا أنزلنا عند صالة المغادرة الخاصة بالجزائريين وطلب منا النزول بسرعة ، ظللنا نبحث عن صالة المغادرة الخاصة بنا حتى وصلنا أليها وهنا شاهدنا آلاف المصريين وسط هلع شديد من هول ما تعرضوا له ما بين صحفيين وممثلين ومشجعين عاديين ، كما فوجئنا بغلق أبواب المطار أمامنا وسط تشديدات أمنية من الجانب السودانى وموظفى شركة مصر للطيران والذين أبلغونا بتلقى تعليمات من مصر ، بدخول المصابين أولا ثم النساء والأطفال ، وظللنا ما يقرب من ساعة أمام الباب ، وسط مقولات ترددت حول إرسال قوات مصرية لتأميننا بالإضافة إلى طائرات مصرية ستكون مسئوله عن مغادرتنا ، لم يستمر الأمر طويلا وتم دفع باب المطار بالقوة ودخلنا المطار حتى وصلنا إلى منطقة تواجد الأتوبيسات الداخلية والتى تقوم بنقلنا إلى سلم الطائرات ، ظلت تلك الحالة إلى ما يقرب من 6 ساعات تم خلالها اقتحام الأتوبيسات بالقوة وركوب الطائرات والتى استعدت خلال اقتحامنا الأبواب لاستقبالنا .
كان المنظر أشبه بأنك فى موقف أتوبيسات " شاور وأركب " " اللى يلحق مكان يقعد " " واللى ميلحقش يجرى بسرعة على غيرها " وسط حالة فوضى عارمة لم يتم سؤالنا عن جواز السفر ولا عن المجموعات التى جاءت مع بعضها البعض .

وصلت مطار القاهرة فى السابعة والنصف صباحا بعد رحلة كان زمنها ساعتين ونصف وسط ، تم تسهيل وسرعة إجراءات الخروج ، وعند أبواب الاستقبال شاهدت آلاف المصريين فى انتظارنا بالخارج وسط ترحيبات بسلامة الوصول